.باب: الآنية:
قال الشافعي رضي الله عنه:ويُتوضاً في جلود الميتة إذا دُبغت... إلى آخره.19- الأصل المرجوع إليه في الدِّباغ الحديث، وهو ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرَّ بشاةٍ ميّتةٍ لمولاةِ ميمونة، وروي لميمونة، فقال:
«هلا أخذتم إهابها، فدبغتموه، فإنتفعتم به» فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة. فقال:
«أيما إهابٍ دُبغ، فقد طهر».وروي أنه قال:
«أليس في الشث والقرظ ما يطهّره؟».وروي أنه قال:
«إنما حرم من الميتة أكلها». وعن سودة بنت زمعة، أنها قالت:
«ماتت لنا شاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدبغنا إهابها، فما زلنا ننبذ فيه، حتى صار شَنّاً بالاستعمال».20- وقد اختلف مذاهبُ الأئمّة في جلود الميتاتِ، والذي نذكره منها لتمهيد أصل الباب- مذهبُ أحمدَ بنِ حنبل، وقد صار إلى أنَّ الدباغ لا يطهّر جلدَ ميتةٍ، واستدلّ بما روي عن عبد الله بن عُكَيْم الجهني:
«أنه قال: ورد علينا كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل موته بشهرٍ: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عصبٍ».وكلُّ حديث نُسب إلى كتابٍ، ولم يُذكر حامله، فهو مرسلٌ، والشافعي لا يرى التعلّقَ بالمراسيل. وقد قيل: أراد النهيَ عن الانتفاع قبل الدباغ، فإن اسم الإهاب يتناول ما لم يدبغ، فأمّا إذا دُبغ استجدّ اسماً جديداً: يسمّى أديماً أو صَرْمَاً أو سخْتِياناً.فإذا ثبت أصل الدِّباغ، فالكلام بعده في ثلاثة فصول:أحدها: فيما يقبل الدِّباغ.والثاني: في كيفية الدبِّاغ.والثالث: في حكم الجلد بعد الدِّباغ.